وكالة مهر للأنباء_ موقع الوقت: ولقد أعلن منظمو الاحتجاجات في الكيان الصهيوني، ضد التعديلات المقترحة من جانب الحكومة، على سلك القضاء، أن التصعيد الأمني، لن يمنعهم من إقامة المظاهرات، مساء السبت الماضي كالمعتاد. وكان اللواء احتياط طال روسو، الناشط في الاحتجاج، قد طالب بتأجيلها "نظرا للوضع الأمني الصعب". وتعرّض شمال فلسطين المحتلة لقصف من لبنان، والجنوب لقصف من قطاع غزة. كما وقعت عمليتان: في الضفة الغربية وتل أبيب، قتل بهما ثلاثة أشخاص. لكن المنظمين، كشفوا أن التظاهرات ستقام بـ "صيغة مختلفة عن التظاهرات السابقة، بناء على طلب الشرطة"، بمعنى أن مسيرة تل أبيب -حيث التظاهرة المركزية- ستُلغى، وستقتصر الاحتجاجات هناك، على الاعتصام فقط. كما سيتجنب المحتجون إغلاق الشوارع الرئيسية، "لأن الشرطة تريدها فارغة"، لسرعة وصولها إلى مسارح عملية قد تقع أثناء التظاهرات. مشيرين إلى أنهم، "سيشاطرون أهالي الضحايا الحزن ويتمنون الشفاء العاجل للمصابين، ويشدون على أيدي الأجهزة الأمنية، والسكان في مناطق التماس".
وأوضح المنظمون:" سنواصل النضال ضد الديكتاتورية، وكأنه لا يوجد وضع أمني غير مستقر. وسنستمر في دعم الأجهزة الأمنية، وكأنه لا يوجد نضال ضد الديكتاتورية". وفي ذلك إعادة صياغة لجملة شهيرة، قالها مؤسس الكيان الصهيوني دافيد بن غوريون عام 1939. حيث قال:" ستناضل الحركة الصهيونية ضد مقترح بريطانيا للتقسيم، وكأنه لا توجد حرب عالمية. وستحارب إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية ضد ألمانيا النازية، وكأنه لا يوجد مقترح تقسيم بريطاني". وتابع منظمو الاحتجاج:" وزراء الحكومة، وبدلا من أن يرصوا صفوف الشعب، بمواجهة التهديدات الأمنية، فإنهم منشغلون بإجراء تعديلات، تقوّض القضاء والحيز الديمقراطي، وتجعل السلطة مطلقة بيد الحكومة".
وستقام أيضا تظاهرة، أمام "بيت هنسي"- المقر الرسمي لرئيس الدولة الصهيوني، في القدس المحتلة. ويرعى الرئيس الحوار بين الحكومة والمعارضة، للتوصل إلى حل وسط بشأن التعديلات. وينظر المتظاهرون بعين الريبة والشك، بجدوى الحوار مع الحكومة، ويقولون إنهم "لا يثقون بها". وانضم عشرات الآلاف من الإسرائيليين، السبت، إلى احتجاجات مناهضة لخطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرامية لتشديد القيود على المحكمة العليا، على الرغم من المخاوف الأمنية المتزايدة بعد هجومين أسقطا قتلى الجمعة الماضية. وتأتي مظاهرات اليوم ضمن سلسلة من الاحتجاجات على الخطط، التي عُلقت الشهر الماضي في مواجهة موجة من الإضرابات والمظاهرات الحاشدة، في وقت تواجه فيه إسرائيل تصاعدًا حادًا في التوتر على عدة جبهات خلال شهر رمضان. وتحت ضغط الاضطرابات الداخلية وعبارات القلق والرفض في واشنطن، أرجأ نتنياهو نهاية الشهر الماضي التعديلات للسماح بإجراء مفاوضات بشأن حل وسط بين ائتلافه الديني القومي وأحزاب المعارضة. وقال منظمو المظاهرات إنهم سيواصلون احتجاجاتهم رغم الأوضاع غير المستقرة ضد الديكتاتورية، مع الاستمرار في دعم الأجهزة الأمنية.
تصاعد المواجهات
وتأتي المظاهرات ضمن سلسلة من الاحتجاجات على الخطط، التي عُلقت الشهر الماضي في مواجهة موجة من الإضرابات والمظاهرات الحاشدة، في وقت تواجه فيه إسرائيل تصاعداً حاداً في التوتر على عدة جبهات. وفي محيط المسجد الأقصى بالقدس، يتوقع أن يبلغ عدد المشاركين في صلاة التراويح عشرات الآلاف وسط مخاوف من احتمال تكرار عمليات اقتحام من الشرطة الإسرائيلية ليلاً مثلما حدث الأسبوع الماضي والتي أعقبها قصف صاروخي على إسرائيل وضربات جوية إسرائيلية على غزة وجنوب لبنان. ونشر نتنياهو وحدات احتياط تابعة لشرطة الحدود وأمر الجيش بتعزيز المواقع الأمنية لتفادي أي مشاكل محتملة وسط دعوات للهدوء من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك في أعقاب هجومين في الضفة الغربية وتل أبيب أسفرا عن سقوط 3 أشخاص
وفي الضفة الغربية المحتلة، أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه تعرض لإطلاق نار قرب قرية يعبد الفلسطينية شمال الضفة، مشيراً في بيان إلى أن جنوده "أطلقوا النار باتجاه المهاجمين" الذين كانوا في سيارة وتم "التعرف على إصابة في السيارة". وفي ختام تقييم للوضع الأمني، قرر وزير الدفاع الإسرائيلي يواف جالانت تمديد الإغلاق العام على الضفة الغربية وإغلاق المعابر في قطاع غزة حتى مساء يوم عطلة عيد الفصح السابع. ويشمل استمرار فرض الحصار الإلغاء الفوري للإجراءات المدنية المصادق عليها لشهر رمضان ومنع دخول العمال إلى إسرائيل. ويأتي ذلك بعد ضربات إسرائيلية على غزة ولبنان في تصعيد للعنف منذ الأربعاء بعد هدوء نسبي أخيراً. وجاء التصعيد بعد صدامات عنيفة دارت، الأربعاء، في المسجد الأقصى بالقدس الشرقيّة بين مصلّين فلسطينيّين وقوّات الأمن الإسرائيليّة وتوعّدت في أعقابها فصائل فلسطينيّة بشنّ هجمات انتقاميّة
انشقاقات واستقالات وإضرابات.. فوضى عارمة
بات من الواضح أن نتنياهو ما عاد يتحمل أي أصوات تعارض خطته في تمرير تلك التعديلات، حتى لو كانت من داخل الائتلاف الحكومي ذاته، وهو ما فعله مع صديقه وزير الدفاع يوآف غالانت الذي أقاله من منصبه لمجرد أنه تجرأ وطالب الحكومة بوقف قانون الإصلاحات المثير للجدل. غالانت في بيان له أذاعه التلفزيون العبري أعرب عن قلقه من أن الخلاف المحتدم بسبب هذا القانون سيمثل خطرًا على أمن البلاد، وأضاف "يتسرب الانقسام الداخلي المتفاقم إلى مؤسسات الجيش والدفاع، هذا خطر واضح ومباشر وملموس على أمن إسرائيل"، وأضاف "انتصار أحد الطرفين في شوارع المدينة أو في أروقة الكنيست هو خسارة لإسرائيل"، البيان لم يجد قبولًا لدى نتنياهو الذي أعرب عن فقدان الثقة في غالانت.
إن إقالة وزير الدفاع أحدثت زلزالًا مدويًا في الوسط السياسي والجماهيري الإسرائيلي، في الداخل والخارج، دفعت القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك إلى تقديم استقالته، مبررًا ذلك وفق تغريدته على تويتر: "لم يعد بإمكاني الاستمرار في تمثيل هذه الحكومة"، وأضاف "أعتقد أن من واجبي ضمان بقاء "إسرائيل" منارة للديمقراطية والحرية في العالم". وأججت الخطوة ذاتها مشاعر المحتجين، ما تسبب في زيادة الأعداد وتعميق الإصرار على مطالبهم المرفوعة، الأمر الذي حمل معه فوضى أمنية في المقابل، دفعت في النهاية رؤساء الجامعات ومديري المدارس إلى تأجيل الدراسة ابتداءً من صباح الإثنين الماضي وحتى أجل غير مسمى
وهنا يجد نتنياهو نفسه أمام مأزق سياسي أقرب إلى الفخ، فإما الإصرار على موقفه، حفظًا لماء وجهه وانتصارًا لكرامته السياسية المزعومة، وحفاظًا على قاعدته الشعبية اليمينية المتطرفة، وهو أقرب للانتحار السياسي الذي قد يشعل الموقف بأكمله ويضعه في مواجهة مباشرة مع الجيش والشارع، وإما يستمع لأصوات العقلاء داخل الائتلاف الحكومي وخارجه ويوقف تلك التعديلات أو يجمدها مرحليًا، وهنا قد يتعرض هذا الائتلاف لتشققات وانقسامات تضعه على طريق الانهيار والتهاوي. في كل الأحوال، سواء مررت التعديلات أم جمدت، سيخرج الائتلاف الحاكم من تلك المعركة بخسائر فادحة، تتأرجح صعودًا وهبوطًا حسب الموقف، لكن ما كان قبل ذلك لن يكون كما هو الحال بعده، فالاحتجاجات المشتعلة والتخبط الذي يعاني منه رئيس الحكومة ووزراؤه والإصرار على إصباغ الحكومة بألوان اليمين المتطرف الداكنة سيدفع نتنياهو ثمنه كبيرًا جدًا، إن لم يكن من حريته فسيكون على حساب مستقبله السياسي.
وتفيد كل المعطيات بأن ثمة تصدّعا داخليا كبيرا في إسرائيل، على الصعيد الاقتصادي وفي المؤسسة العسكرية، بل إن معظم النخب الإسرائيلية تبدو على طرف آخر، في مواجهة شعبوية نتنياهو وحلفائه، وهذا يشمل وزير الدفاع ورئيس الأركان وقائد "الشاباك"، كما يشمل شركات التكنولوجيا المتقدمة، والشركات الدولية، وضباط وجنود الاحتياط الذين يعربون عن عدم التقيد بالتدريبات ولا بتلبية الدعوة للاحتياط. يقول بن كسبيت: "255 مستثمراً ورجال أعمال أميركيين استثمروا مليارات في إسرائيل، بعثوا بكتاب إلى رئيس الوزراء يهددون فيه بوقف الاستثمارات... المال يواصل الخروج من إسرائيل بسرعة وبضخ متصاعد وشركات دولية نشطة هنا تعيد النظر في خطاها.
المصدر: الوقت
/انتهى/
تعليقك